الرئيسية / مقالات وتحليلات / ما بين الثانوية والجامعة … بحث عن إختصاص

ما بين الثانوية والجامعة … بحث عن إختصاص

طارق حديفة - أمين سر منتدى الشباب الديمقراطي

طارق حديفة – أمين سر منتدى الشباب الديمقراطي ونائب رئيس اتحاد الجمعيات الشبابية في جنوب لبنان

كتب طارق حديفة** للديمقراطي اللبناني للإعلام :

ما إن يقترب الطالب من إنهاء مرحلة دراسته الثانوية، حتى يبدأ هاجس البحث عن التخصص الذي يحدد مستقبله. فيبدأ التنقل من جامعة الى أخرى للتقدم من امتحانات الدخول قبل فوات الأوان و يأمل الطالب أن يكون الاختصاص الذي يختاره على قدر تطلعاته، ويكفل له حياة كريمة، يتوّج به عقوداً من تحصيله العلمي، ويبرز عندها هاجس البحث عن جامعة تتوافق مع إمكاناته المادية، والمناطقية، والاجتماعية.

أما المشكلة الأبرز التي يواجهها الطلاب، في معرض اختيارهم الاختصاص الذي يريدون، فهي عدم معرفتهم المسبقة بتفاصيل الاختصاص من جهة، ومقدار حاجة السوق له. كل ذلك يجعل الطالب يدور في حلقة مفرغة ويصبح ضحية التردد ونقص التوجيه، وبالتالي تؤثر كل تلك المعطيات في سير عملية دراسته، والتي قد تتسبب فيما بعد في انسحابه وابتعاده عن الدراسة نهائياً، نظراً للشعور بالإحباط وعدم القدرة على المواصلة، وبالتالي خسارة تلك الطاقات والكفاءات البشرية التي تعتبر عنصراً أساسياً ورافداً من روافد عملية التنمية.

       إذاً وللإنطلاق نحو حل هذه المعضلة علينا معالجة جذورها، فبالرغم من الإنقسام الحاصل على كافة المستويات بين مختلف فئات الشعب اللبناني، يمكننا القول أن الجميع متفق على ضرورة السعي لحل مشاكل النظام التعليمي التربوي في لبنان كون التربية ترتبط إرتباطاً وثيقاً بتقدم المجتمعات، فالأمة التي يتقدّم فيها التعليم من المفروض أن تشهد التقدّم والعكس صحيح. ومما لا شك فيه أيضاً أن النظام التعليمي في لبنان قد تطوّر بإستخدام أساليب متطورة وإعتماد طرائق جديدة في التعليم إلاّ أنه يُبقينا حيث نحن في مستنقع من الفوضى المنتشرة على مساحة البلد.


     فهذا النظام يتدرّج على مدى أربع عشرة سنة، وينقسم إلى ثلاثة أقسام أساسية : الروضة، التعليم الأساسي، والتعليم الثانوي . وتراقب الدولة عملية التعليم عبر تنظيم امتحانين رسميين موحدّين لكلّ تلامذة لبنان: واحد في آخر التعليم الأساسي (شهادة البريفيه) وثانٍ في آخر التعليم الثانوي، وتمنح الناجحين شهادة رسمية (إلا في حالات استثنائية كالتي حصلت السنة فتم استبدال الشهادات بإفادات).

إلا أن هذه المراقبة وتلك الامتحانات الرسمية، لا يمكن أن تكون كافية لاختيار اختصاص الطلاب في الجامعة. وهنا يكمن دور المدرسة والقيمين عليها، في أهمية توجيه الطالب في المراحل والصفوف الثانوية، بغية مساعدته في تحديد اختياره للاختصاص في الجامعة.

وهذا التوجيه ينطلق من أمر أساسي، وهو تحديد عوامل اختيار الطالب لاختصاصه في الجامعة، وهذه العوامل تنقسم بين نوعين: عوامل موضوعية وعوامل شخصية.

1-العوامل الموضوعية:

–          علامات الطالب:  لعلّ من أهم المعايير المادية التي تساعد المدرسة والطالب على السوّاء في اختيار الاختصاص الجامعي، هي علامات الطالب. فمن الأمور التي لا تقبل أيّ شكّ أو جدال، هي أن العلامات الجيّدة والعالية في كافة المواد العلمية والأدبية تمهّد طريقاً واسعاً وسهلاً للطالب لاختيار أي اختصاص يشاء دون خوف أو تردّد.  وعلى العكس من ذلك، فان العلامات المتوسطة أو ما دون تطرح عدّة علامات استفهام حول مستقبل الطالب في سنوات جامعية مثقلة بالدروس والأعمال التي تتطلب الكثير من الجهد والمثابرة.

–          التوجه العلمي (أدبي أم علمي): إن ارتباطاً يكاد يكون وثيقاً بين فروع الشهادة الثانوية العامة والاختصاصات العليا.

لذا فتحليل بسيط لمناهج شهادات لبنان الثانوية الأربع، يوضح  لنا الآتي :

فرع الآداب والإنسانيات : يؤدي إلى التخصص في : الحقوق، العلوم السياسية، العلوم الإنسانية، العلوم الاجتماعية، الصحافة، العلاقات العامة، الفنون الجميلة، التربية…

فرع الاجتماع والاقتصاد : يؤدي إلى التخصص في : الحقوق، العلوم الاجتماعية والاقتصادية، وإدارة الأعمال…

فرع العلوم العامة : يؤدي إلى التخصص: في الهندسة على أنواعها ( مدنية، معمارية، كهربائية، إلكترونية، ميكانيكية، صناعية، اتصالات) العلوم العامة ( فيزياء، كيمياء، رياضيات) المعلوماتية والاقتصاد…

فرع علوم الحياة: يؤدي إلى التخصص : في المهن الطبية ( طب عام ، طب أسنان، صيدلة…) والمهن الطبية المساعدة (تمريض مختبرات طبية، معالجة فيزيائية، تقويم النطق والبصر) الهندسة الزراعية…

 

2- المعايير الشخصية

إنها تلك المسائل المرتبطة ارتباطاً وثيقاً برغبات الطالب وبميوله ونزعاته وبوضعه المادي… وعلى هذا الأساس نقسّم هذه المعايير إلى ثلاثة:

1-       رغبات الطالب الشخصية

2-        ضرورة المقارنة بين الرغبات واختيار الأفضل أو الأنسب

3-        عدم الخلط بين رغبات الأهل وقدرات الطالب

1-        رغبات الطالب الشخصية:  من الضروري، وعبر المتابعة لنشاط وشخصية الطالب، التمكّن ولو إلى حدّ ما من رسم صورة مستقبلية لهذا الطالب مع التأكّد المسبق أنه هو نفسه، في بعض الأحيان، لا يكون مدركاُ لهذه الصورة.

 

2-        ضرورة المقارنة بين الرغبات واختيار الأفضل أو الأنسب:  من ظلم القدر، لا بل من ظلم حياتنا الاقتصادية التي مررنا ونمّر بها، أنها تقف في أوقات كثيرة بين ما يبغيه الطلاب من اختصاص جامعي وبين ما تفرضه الحياة. ففي بعض الحالات يكون ما يرغبه الطالب من تخصص غير ما ترغبه جيوبهم.

فقد درجت تسمية بعض الاختصاصات: ” ما بتطعمي خبز” !!، على هذا الأساس، ونحن في عصر جلّه مادّي، يجب توجيه طلابنا نحو الاختصاصات المنتجة، أو أقلّه تلك التي تلقى سوق عمل لها، بغضّ النظر، إذا كان هذا الاختصاص يلاقي رواجاً عند الطالب، كالرّواج نفسه الذي يلاقيه في سوق العمل.

               

3-        عدم الخلط بين رغبات الأهل وقدرات الطالب:  إن عالم المنافسة الذي نعيش، وعلى كافة الصعد، الاقتصادية والعسكرية والخدماتية، بات ينعكس بصورة واضحة وجليّة على عقول الأهل قبل أي شيء آخر، فبعضهم يريد من ولده أن يصبح طبيباً ماهراً كالطبيب الفلاني أو مهندساً كالمهندس الفلاني…

فهذا الولد الذي تمناه اهله طبيباً، قد يتفتّح عن عبقري في مجال الكهرباء أو الكيمياء، الذي تمنوه مهندساً، قد يتخرج موسيقياً تبكي لأنغام أوتاره الصخور…

فمن هذا المنطلق لا بد من دعوة لذوي الطلاب إلى عدم الخلط بتاتاً بين رغباتهم وبين قدرات أولادهم.

 

ختاماً، فإن أحد اسباب البطالة في لبنان هو تخرّج نسبة كبيرة من الطلاب من اختصاصات جامعية لا تلبّي فرص العمل المتاحة في السوق اللبنانية في زمن تقلّصت فيه الاستثمارات التي تحرّك عجلة الاقتصاد اللبناني، وفي ظل هذا الواقع، كان لابدّ مع اقتراب العام الدراسي الجامعي الذي ينطلق بداية الشهر المقبل، من تقديم هذا التقرير عله يساهم ينير جزء وان قليل من الدرب الجامعي لطلابنا وتحديد اختصاصاتهم قبل بدء العام الدراسي.

 

** طارق حديفة : أمين سر منتدى الشباب الديمقراطي ونائب رئيس اتحاد الجمعيات الشبابية في جنوب لبنان

عن jad haidar

تعليق واحد

  1. بس للاسف احيانا كتير بيكون الطالب نفسه يعمل طب عام – جراحة – علم وراثة – … بس لان سنين الاختصاصات كتيرة (5 سنوات وما فوق) وعدم توفرها بالجامعات الملائمة وعدم توفر المال الكافي ,, بيرضخ الطالب لوضعه الاقتصادي وبيختار اختصاص اقل كلفة وما بيعود الطالب بيقدر يحقق حلمه ويدرس اللي نفسه فيه ,, مع العلم انو لما الطالب يختار هو الاختصاص اللي بيحبه بيبدع فيه بالمستقبل ,, يعني للاسف الشديد نحنا كطلاب عم نختار الاختصاصات بلبنان حسب الاقل تكلفة مش حسب رغبتنا !

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*