كتب غسان بو دياب: الجيش يدفع الثمن بسبب سوء الإدارة السياسيّة

 

غسان بو دياب
توقفت مصادر غربية متابعة بإعجاب كبير أمام مشهد آباء وأمهات العسكريين اللبنانيين الشهداء خلال مراسم نقل جثامينهم إلى مثواهم الأخير، حيث قامت كل من الأمهات الثكالى بالتعبير عن حبها الكبير للمؤسسة العسكرية، عبر حركات عفوية، كتقبيل حذاء العسكري الشهيد «الرينجر» أو عبر المواقف التي تشيد وتدعم الجيش الباسل، أو تشدد على بذل الغالي والرخيص في سبيله، وبالمقابل، أعلن أباء هؤلاء استعدادهم تقديم المزيد من أبنائهم على مذبح الوطن السيد المستقل.
وتشير مصادر متابعة لملف العسكريين المخطوفين، إلى أن تفجير العسكريين الستة، وبعدهم خبير المتفجرات يدل على ارتفاع منسوب الضياع والقلق لدى المسلحين، وفقدان التركيز الذي يرافق الدوران، عمليا، فشل المسلحون ومعهم «النصرة» في تحريك الرأي العام الشعبي ضد المؤسسة العسكرية رغم ثقل التضحيات، وفشلوا أيضا في تصوير أنفسهم حماة «أهل السنة» وبالمقابل نجحوا نجاحا باهرا في توحيد الشعب اللبناني، وأهالي العسكريين، ضد ممارساتهم الإجرامية واشارت المصادر الى أن ما حققته العملية «النوعية» للجماعات الإرهابية ساهم أكثر فأكثر في انتفاء الحاجة إلى «غطاء سياسي» على رأي مصادر مطلعة، فقد محت دماء العسكريين الشهداء حبر القرارات، وأزالت السقوف السياسية، وأصبحت المؤسسة العسكرية مسؤولة معنويا، وبتفويض شعبي عارم، عن «الثأر» لدماء عسكرييها الشهداء.
في السياق عينه، أشارت المصادر الى مستوى التجهيزات وكمية الذخائر التي يحملها الجندي اللبناني، مقابل الترسانة العسكرية للمسلحين الإرهابيين، الذين يطلقون النار كمن لديه مخازن إمداد في حين يستعمل العسكري اللبناني الطلقات القليلة الموجودة في حوزته بالكثير من التقتير، لأنه «لا يعلم إن كان سيستطيع أن يعيد ملىء مخزنه بعد أن يفرغ، كما أضافت المصادر عينها إلى أن غزارة نيران المسلحين، والأسلحة الثقيلة التي يستعملونها، تجعل الحاجة ملحة إلى وقف المماطلة وبدء عملية توريد الأسلحة التي يحتاجها الجيش في صراعه مع الإرهاب، لأنه مع استمرار دوران عقارب الساعة، وعلى إيقاع أي حراك سياسي أو إنجاز أمني، تقوم العناصر الإرهابية باستهداف «الخاصرة الرخوة»، إلا أن الشعب اللبناني لن يسمح أن يكون جيشه اللبناني الخاصرة الرخوة أبدا.
وترجح المصادر أن التفجير الاخير الذي استهدف العسكريين، سيعيد خلط الأوراق على مستوى المفاوضات في ملف العسكريين المخطوفين، خصوصا مع البطء الملحوظ في حركة الوسيط القطري، ومع عودة الهمس في بعض الدوائر حول جدوى استمرار التفاوض مع جهات، تستغل الهدنة لتخطف الجنود، وتساوم على سجناء، مقابل رأي آخر يدعم عملية عسكرية بلا هوادة، بالإشتراك مع الدول الشقيقة والصديقة، تستهدف القضاء النهائي على بؤر الإرهاب والتكفير في الجرود الشمالية، وتحرير العسكريين المخطوفين وسوق المجرمين القتلة إلى المحاكمات العادلة.
وكان لافتا تضيف المصادر، موقف قائد الجيش الحازم والصارم في القول «سنرد الضربة بمئة»، تزامنا مع قيام الجيش بحملة مداهمات واسعة النطاق، واعتقال العشرات من المشتبه فيهم في التعدي على الجيش، وتفجير العبوات، وسألت المصادر هل تفلح معادلة قوة الردع في وقف حرب الإستنزاف لأعصاب أهالي العسكريين المخطوفين، وللأمهات الثكالى للعسكريين الشهداء، أم أن الملف سياسي وهو مرتبط بالمعادلات الإقليمية، وبالتالي هو أكبر من قدرة الساسة اللبنانيين على تحمله؟ واستطرادا يستمر الجيش بتحمل المزيد من التضحيات بسبب سوء الإدارة السياسية، وأكدت المصادر ان ما قبل الإستهداف الأخير للجيش ليس كما بعده…وغدا لناظره قريب.