كثر النشاط الأمني في الآونة الأخيرة لدرجة أنه لم يعد يمر يوم من دون عشرات المداهمات والتوقيفات، التي لا تقتصر على اللبنانيين المطلوبين فقط، بل تشمل أيضاً مخيمات النازحين السوريين، كما أن تنفيذها لا ينحصر بجهاز أمني واحد، تارةً الجيش اللبناني، وتارةً أخرى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، كل ذلك من دون أن يتردد عن المشاركة في هذه المداهمات أيضاً جهاز الأمن والإستقصاء في الأمن العام.
هذا النشاط الأمني غير المسبوق، لا سيما داخل المخيمات السورية، لم يأت من باب الصدفة، كما وأنه ليس فقط سباقًا بين الأجهزة، هو قرار سياسي اتخذ منذ مدة على أعلى المستويات، وسببه الكم الهائل من التقارير الأمنية الواردة من داخل هذه المخميات والتي تتحدث عن نشاط إرهابي فيها، أضف الى ذلك الجرائم الأخرى التي ترتكب يومياً كالدعارة وتجارة البشر والسرقات وجرائم القتل.
سبب إضافي دفع الدولة الى إتخاذ مثل هذا القرار، المفاوضات مع “داعش” وجبهة النصرة في قضية العسكريين الأسرى، والتي يطلب فيها التنظيمان في كل مرة تبرز فيها لائحة مطالب، “عدم التعرض لمخيمات اللاجئين السوريين ورفع الضغط الأمني عنها”. وهنا يقول مسؤول أمني، “كان لا بد من إستعمال هذه الورقة كوسيلة ضغط على الإرهابيين، وفي الوقت عينه، يتم ضبط هذه المخيمات قدر الإمكان، وتخفّ وتيرة الإرتكابات والمخالفات التي يدفع الشعب اللبناني ثمنها في غالبية الأحيان”.
وفيما لم يكن المقصود من هذا القرار التعرض لجميع النازحين السوريين، بل التضييق على كل مخالف، من عدم امتلاك الأوراق الثبوتية والقانونية المطلوبة، مروراً بحيازة الأسلحة، وصولاً الى المطلوبين بتهم الإنتماء الى تنظيم إرهابي، “كانت المفاجأة بأعداد المخالفين داخل المخيمات” يقول المسؤول الأمني. ويضيف، “بين هذه المخالفات الكثير من تلك التي تقع تحت خانة حيازة الأسلحة وتهم الإنتماء الى جبهة النصرة وتنظيم “داعش” إضافة الى تنظيم كتائب عبدالله عزام، ولا يخلو الأمر أحياناً من توقيفات تطلق عليها في عالم الأمن تسمية “الصيد الثمين” إذ يتم القاء القبض خلال هذه المداهمات على أشخاص مطلوبين بتهمة المشاركة والتحضير لتفجيرات إرهابية ذهب ضحيتها لبنانيون مدنيون وعسكريون، وهنا كنوز المعلومات التي تكتشف خلال التحقيقات”.
بالنسبة الى أحد صانعي هذا القرار، ليس في القضية عنصرية كما يحاول البعض التسويق في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي، كل ما في الأمر أن النازح شيء والمطلوب شيء آخر، وإذا كان هناك تساهل أمني في السنوات الماضية مع هؤلاء السوريين المطلوبين، لم يعد مسموحاً بعد حادثة الثاني من آب في عرسال ترك هؤلاء يسرحون ويمرحون تحت شعار النزوح داخل المخيمات، يعرضون أمنها أولاً للخطر وأمن المناطق ثانياً، وما حصل في عرسال خير دليل على صوابية هذا القرار إذ أن عدد المسلحين الذين خرجوا من المخيمات لمقاتلة الجيش فاق عددهم الذين نزل من جرود البلدة.
أحياناً، يتم إلقاء القبض على لبنانيين، نتيجة إعترافات مطلوبي المخيمات، وهنا الخلاصة الأمنية التالية: داخل مخيمات النازحين، كنوز أمنية لبنانية لا سورية فقط.
مارون ناصيف – خاص النشرة