«المير» على حقّ في المؤتمر التأسيسي

2208673_1431579952

المصدر: الديار

ثريّا عاصي

تلقيت رسالة الوزير طلال أرسلان في مؤتمره الصحفي الأخير، ليس كإعلامية لبنانية وحسب وإنما كمواطنة لبنانية أيضاً . كون هذه الرسالة تحتوي ضمنياً على تدقيق في المرحلة التي وصل إليها المشروع الوطني اللبناني من خلال المؤسسات الدستورية والإدارية الرسمية على السواء.
عُطل إتفاق الطائف، الذي لم يكن في الواقع إتفاقاً لأن الأطراف الموقّعة عليه لم تلتزم به وتنفذ بنوده، وبتعطيله جرى تعطيل الدستور اللبناني . نتج عن ذلك سقوط الدولة الدستورية وحلول نظام عرفي مكانها . إذاً أيها اللبنانيون أنتم تعيشون في ظل نظام عرفي!
وهذا الأخير لم ينزل على اللبنانيين من السماء، إلا ان الذين جاؤوا به وتسببوا به وأكلوا من خيراته تنصلوا على الدوام من مسؤولياتهم أمام المواطنين الذين تدهور مستوى عيشهم وصار بقاؤهم في بلادهم مهدّداً بالخطر .
من المرجّح ان المبادرات المتكررة لإطلاق الحوار مردها إلى استشعار أفرقاء اتفاقية الطائف لهذا الخطر الذي بات يتهدد من هم فوق ومن هم تحت . ولكن يبدو ان القصد كان تهدئة الأوضاع وليس معالجة الأسباب.
انهارت طاولة الحوار الأخيرة ولم يعد بالإمكان إخفاء الحقيقة عن الناس .. البلاد في مأزق خانق .. في لبنان يفضلون الكلام عن طاولة الحوار التي انهارت بدل القول ان المشاركين في هذا الحوار، فشلوا في أن يتوافقوا فيما بينهم على صيغة للحفاظ على الدولة وعلى البلاد ولإدارة شؤون الناس … نعم إن المتحاورين فشلوا، لم يتوافقوا على مشروع جديد للدولة .. الذين فشلوا هم الذين يحكمون لبنان منذ الطائف وحتى يومنا هذا .. أعتقد ان حساباتهم في المصارف المحلية والدولية تنامت في الفترة نفسها بشكل ملحوظ !! ولكن فشل حكام لبنان في إخراج لبنان من مأزقه وبصرف النظر عن شرعية هؤلاء الحكام وأحقيتهم في احتلال مقعد حول طاولة الحوار، يبطن دلالة واضحة على أنهم عاجزون، بملء إرادتهم أو مجبرون على إيجاد حل لبناني للمشكلة الوطنية اللبنانية، ينبني عليه انه ليس مستبعداً ان يحاول كل فريق من أفرقاء الحوار الفاشلين، أن يأتي بحل، أو يفرض حلاً ملائماً لدولة أجنبية يستقوي بها ! هذا ما تصفه الرسالة (رسالة المير طلال أرسلان)، بالتفريط بالسيادة اللبنانية التي نجد صورة عنها في ما أسماه بـ«فوضى الفراغات» .. ان النظام يخدم دائماً واضعيه، فإن وضعه الذين هم «فوق» سيكون على الذين هم «تحت» أن يكونوا تحت خدمتهم. في المقابل إذا وضعه الذين هم «تحت» سيكون الذين هم «فوق» بخدمة الذين هم «تحت» !
مجمل القول، انه حتى يكون الحل شاملاً لكل لبنان، وليس حلاً لكل منطقة أو طائفة أو مذهب، يلزمنا حل واحد لبناني … وحتى يستفيد من هذا الحل جميع اللبنانيين، على قدم المساواة، وليس في صالح الزعماء والوجهاء فقط، يجب أن يعبر عن مصالح الناس ورغباتهم .. وأن ينبع من وعيهم وإدراكهم وخياراتهم.
وحتى لا يغرق اللبنانيون في دماء بعضهم أو في مياه البحر … يجب أن يضمن لهم هذا الحل السيادة والاستقلال والأمان والمعرفة.
من البديهي ان ذلك كله يتطلب مؤتمراً وطنياً تأسيسياً غايته إعادة صياغة الكينونة اللبنانية خطوة بعد خطوة، من الأطراف نحو المركز ومن الأسفل إلى الأعلى … أنا أؤيد مبادرة الوزير طلال أرسلان للدعوة إلى مؤتمر تأسيسي للبنان.